الجمهورية -
يتمتع لبنان بأعلى نسبة من الأراضي القابلة للزراعة في العالم العربي، ويعتبر القطاع الزراعي أساس الاقتصاد الريفي. وعلى رغم حجمه المتواضع، الاّ انه أساسي للثقافة والاقتصاد في لبنان ولديه القدرة على أن يكون محفزا ديناميكيا للنمو الاقتصادي في المناطق الريفية. وتعتمد القدرة التنافسية لهذا القطاع، اضافة الى صحة المستهلك، على نوعية الفواكه والخضروات الطازجة، والأغذية المصنعة، ومنتجات الألبان واللحوم المنتجة والمباعة في لبنان والخارج.
وعلى مدى 50 عاما، ما زالت الوكالة الأميركية للتنمية الدولية تشكل عنصرا اساسيا لتحسين صورة وجودة المنتج اللبناني عبر تقديمها المساعدات الإنمائية إلى لبنان، حيث أصبح لديها عدة برامج تقدّر قيمتها بـ 82 مليون دولار من شأنها تعزيز سلامة الأغذية والزراعة.
في العام 2009، حدّدت الوكالة الأميركية، سلامة الأغذية على انها عائق رئيسي لتعزيز القدرة التنافسية قي القطاع الزراعي، وأطلقت جهودا كبيرة لتحسين وتوسيع 3 مختبرات متخصصة بجودة المزروعات والمواد الغذائية من خلال برنامج يمتد الى 3 سنوات تبلغ قيمته 12 مليون دولار. وتدير هذه المختبرات التي تقع في صيدا وطرابلس، وزحلة، غرفة التجارة والصناعة والزراعة في كل منطقة. وقد وقعت المختبرات اتفاقية مع كل من وزارة الاقتصاد والتجارة، والزراعة، والصحة مما سمح للمنتجين والتجار باختبار منتجاتهم والحصول على موافقة رسمية وشهادة لتصديرها.
وفي هذا الاطار، يلفت احد الدبلوماسيين الاميركيين الى ان الوكالة تهدف، من خلال برامجها، الى تحسين الفرص الاقتصادية للمواطنين، لافتا الى ان هذه المختبرات قد سهّلت الاجراءات والمعاملات الاداراية الرسمية التي كان يتوجب على المنتج الحصول عليها من عدة دوائر من اجل ترخيص منتجه، وجمعتها في مكان واحد مختص، في المختبرات الثلاثة.
وعلاوة على ذلك، عقدت هذه المختبرات اتفاقا مع الجمارك حيث يتم إرسال جميع المنتجات الزراعية والمواد الغذائية المستوردة الى لبنان عبر المعابر الحدودية من المصنع والعبدة وميناء طرابلس الى هذه المختبرات لمراقبة جودتها قبل إتمام عملية التخليص الجمركي.
ويقول الدبلوماسي إن برنامج مراقبة جودة المنتجات الزراعية ومنح الشهادات هو جزء من المساعدات الشاملة التي تقدمها الوكالة الاميركية للتنمية الدولية للقطاع الزراعي في لبنان، الذي يدعم القطاع الريفي من خلال تشجيع الابتكار والكفاءة في الزراعة، وزيادة قيمة جودة المنتجات الزراعية اللبنانية، وخلق فرص عمل والفرص الاقتصادية للأسر الريفية والشباب وتأمين الغذاء الآمن للاستهلاك.
ويضيف انه في آذار من العام 2012، كانت المختبرات في زحلة وطرابلس تجري بالمتوسط ما يزيد على 750 اختبارا في الشهر، 80 في المئة منها ناجمة عن العمليات الجمركية. ويشير الى ان مختبر صيدا كان يخضع لعملية تجديد حينها، لزيادة حجمه ثلاثة اضعاف عما كان عليه سابقا، وذلك بسبب ازدياد الطلب على خدماته. ويبرز ارتفاع عدد الفحوصات في المختبريْن زيادة بنسبة 400 في المئة بين العامين 2010 و 2011.
وبحلول نهاية تموز 2012، ستحوز المختبرات الثلاث على شهادة ISO 17025 لجودة الغذاء، مما يضعها في خانة تأمين اعلى المستويات والمعايير الدولية، فضلا عن معايير الكفاءة التنظيمية.
وفيما تساعد الوكالة الأميركية للتنمية المزارعين في كافة انحاء لبنان عبر تقديم تقنيات مبتكرة ومسؤولة تكفل انتاج الاغذية السليمة، تشمل برامج الوكالة الجديدة، تكنولوجيا وتقنيات زراعية لا تقتصر على المواد الكيميائية وتعتمد على تقليص نسبة استعمال المياه. ويقول الدبلوماسي ان مساعدة الوكالة الأمريكية للتنمية قد ادّت بين العامين 2009 و 2011 الى مضاعفة عدد المزارعين الحائزين على الشهادة العالمية للممارسات الزراعية الجيدة GAP خلال عامين زاد عدد المزارعين الحائزين على تلك الشهادة من 2 الى 7. هذه الشهادة تساعد المزارعين على ولوج الاسواق الاوروبية، مما يدرّ عليهم عوائد مالية اكبر".
وتعتمد شهادة GAP العالمية على المعايير الدولية للتصديق على المنتجات الزراعية وتضمن إنتاج الغذاء عبر استخدام الحد الأدنى من المواد الكيميائية، وتأمين الضمانات الاجتماعية للإنسان والحيوان، وتقليل الآثار البيئية.
وقال الدبلوماسي ان هدف الوكالة يتمثل بتحسين نوعية وقيمة المنتجات الزراعية اللبنانية والمساعدة على ضمان الغذاء الآمن للاستهلاك من خلال تحسين وضع المزارع وتهيئة اليد العاملة وتثقيفها، بالاضافة الى تقديم المساعدة التقنية.
وعن انجازات وكالة التنمية، لفت الدبلوماسي الى انه في عكار ساهمت الوكالة بتنمية زراعة التفاح، فاستقدمت اشجارا من الولايات المتحدة وزرعتها هناك، كما اقامت مصنعا لصناديق نقل المزروعات، مما ساهم في خلق فرص العمل وساعد في عدم نزوح المواطنين من المناطق الريفية.
وفي جزين، ساهمت الوكالة الاميركية باستحداث "الجمعية التعاونية الانمائية" التي باتت تتبنّى توزيع منتجات المزارعين وتسويقها، كذلك دعمت الوكالة انتاج الموز في الجنوب، وآلية تضاعف حجمه خلال 10 سنوات، اضافة الى زراعة العنب في البقاع.
ويؤكد الدبلوماسي انه بين العامين 2008 و2011 دعمت الوكالة 1250 مزارعا من خلال مساعدتهم على تطوير ممارستهم الزراعية وايجاد زبائن جدد لتصريف منتجاتهم وبالتالي تحسين وضعهم المعيشي.
كذلك كانت الوكالة صلة وصل بين 850 مزارعا ومستوردين اجانب، مما ادّى الى توسيع ونمو اعمالهم بشكل لافت.
ومن ابرز انجازات الوكالة، برنامج تقديم القروض الى المؤسسات الصغيرة التي يقل حجمها عن 25 الف دولار للقرض الواحد بهدف مساعدة الاشخاص على تطوير اعمالهم. ويؤكد الدبلوماسي انه بين عامي 2009 و2011 بلغ حجم القروض الممنوحة عبر 7 مؤسسات غير حكومية 8,16 مليون دولار استفادت منها 4320 مؤسسة ، 1985 منها متعلقة بالزراعة. وقد أدّت هذه القروض الى خلق 6500 وظيفة.
من جهة اخرى، تعمل الوكالة في مجال الحفاظ على قطاع المياه وتساعد مصالح المياه الاربع في لبنان على مختلف الاصعدة. فبرنامج الوكالة يهدف الى زيادة الوعي البيئي لدى المواطنين بدءاً من طلاب المدارس.
وفي ما يتعلق ببرنامج اعادة التحريج، قامت الوكالة الاميركية بزرع 25000 الف شجرة في منطقة القليعة مرجعيون في اطار تحفيز السياحة البيئية التي ارتفعت عائداتها من 2,8 ميلون دولار الى 22. 4 مليون دولار.